responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 161
صح فيه فعل صح أَفْعَلُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كَسَرَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أَكْسَرَهُ، بَلْ يَجِبُ فِيهِ الرُّجُوعُ إِلَى السَّمَاعِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُوقِعَ الضَّلَالَةَ فِي قُلُوبِهِمْ بَعْدَ الْهُدَى، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُمُ الْأَمْرُ الَّذِي بِهِ يُسْتَحَقُّ الْعِقَابُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: حَاصِلُ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُؤَاخِذُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ كَوْنَ ذَلِكَ الْفِعْلِ قَبِيحًا، وَمَنْهِيًّا عَنْهُ. وَقَرَّرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَبِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَكَانَ التَّقْدِيرُ: أَنَّ مَنْ كَانَ عَالِمًا قَادِرًا هَكَذَا، لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا، وَالْعَالِمُ الْقَادِرُ الْغَنِيُّ لَا يَفْعَلُ الْقَبِيحَ وَالْعِقَابَ قَبْلَ الْبَيَانِ. وَإِزَالَةُ الْعُذْرِ قَبِيحٌ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَنَظْمُ الْآيَةِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا فَسَّرْنَاهَا بِهَذَا الْوَجْهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَقْبُحُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الِابْتِدَاءُ بِالْعِقَابِ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُعَاقِبُ إِلَّا بَعْدَ التَّبْيِينِ، وَإِزَالَةِ الْعُذْرِ وَإِزَاحَةِ الْعِلَّةِ، وَلَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَسَقَطَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ فِي ذِكْرِ هذا المعنى هاهنا فَوَائِدُ: إِحْدَاهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِالْبَرَاءَةِ من الكفار بين أنه له ملك السموات وَالْأَرْضِ، فَإِذَا كَانَ هُوَ نَاصِرًا لَكُمْ، فَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إِضْرَارِكُمْ، وَثَانِيهَا: أَنَّ الْقَوْمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا: لَمَّا أَمَرْتَنَا بِالِانْقِطَاعِ مِنَ الْكُفَّارِ، فَحِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَخْتَلِطَ بِآبَائِنَا وَأَوْلَادِنَا وَإِخْوَانِنَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ كَافِرِينَ، وَالْمُرَادُ أَنَّكُمْ إِنْ صِرْتُمْ مَحْرُومِينَ عَنْ معاونتهم ومناصرتهم. فالإله الذي هو المالك للسموات وَالْأَرْضِ وَالْمُحْيِي وَالْمُمِيتُ نَاصِرُكُمْ، فَلَا يَضُرُّكُمْ أَنْ يَنْقَطِعُوا عَنْكُمْ. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِهَذِهِ التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ كَأَنَّهُ قَالَ وَجَبَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْقَادُوا لِحُكْمِي وَتَكْلِيفِي لِكَوْنِي إِلَهَكُمْ وَلِكَوْنِكُمْ عبيدا لي.

[سورة التوبة (9) : آية 117]
لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (117)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا اسْتَقْصَى فِي شَرْحِ أَحْوَالِ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَبَيَّنَ أَحْوَالِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْهَا، وَأَطَالَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي لَخَّصْنَاهُ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ، عَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى شَرْحِ مَا بَقِيَ مِنْ أَحْكَامِهَا. وَمِنْ بَقِيَّةِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ قَدْ صَدَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نوع زلة جارية مجرى ترك الْأُولَى، وَصَدَرَ أَيْضًا عَنِ الْمُؤْمِنِينَ نَوْعُ زَلَّةٍ، فَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ وَتَابَ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ الزَّلَّاتِ. فَقَالَ: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: دَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَلَى أَنَّ هَذَا السَّفَرَ كَانَ شَاقًّا شَدِيدًا عَلَى الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ، عَلَى مَا سَيَجِيءُ شَرْحُهَا، وَهَذَا يُوجِبُ الثَّنَاءَ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهَا قَوْلُهُ: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست